حكايات صاحبنا (1) – ابن نكتة

كان صاحبنا – غفر الله له – كثير الضحك والمزاح، لو تتبّعنا حياته لوجدنا أكثر من نصفها مقضيّ في الفكاهة والسخرية. كانت جلسته مرحة، خفيفة الظل، لطيفة. تريد معها ألا تنقضي! كانوا يطلقون عليه “ابن نكتة”.

قد تستغرب حينما تكتشف أنه حتى لم يمتنع عن عادته تلك وقت الأزمات والأيام السيئة. بل كان يتفنن في إيجاد أسلوب سخرية يناسب درجة الكارثة!

مما أذكر له أن كانت هنالك فترة لم تكن الظروف الاقتصادية في البلاد في أفضل أحوالها، بل كان الناس يستيقظون كل صباح وقلوبهم وجلة مما يخبّئه لهم يومهم من أخبار تعكّر المزاج بشأن الاقتصاد وأسعار المنتجات والمواد الغذائية.

في يوم من تلك الأيام التي يعرفها أهل هذا البلد جيداً، وجدوا عملتهم المحلية تهاوت أمام العملات الأجنبية العالمية مما يُنذر بكارثة اقتصادية وشيكة ستلحق بالجميع أولهم عامة الناس من الفقراء والكادحين.

في وضع كهذا لن تتعجّب حين تسير في الشارع فترى وجوهاً مكفهّرة، عليها أمارات السخط والغضب. على أن هذا ما لم يحدث ذلك اليوم بعدما علم الجميع بأمر الكارثة.

العكس تماماً هو ما حدث، أفرط الناس في الضحك والسخرية. وكان من بينهم أو كما شئت قل: قائدهم وكبيرهم. صاحبنا الذي لم يتردد لحظة في العمل بجدٍّ لكي يستخرج من جعبته كل ما يصلح أن يكون نكتة قوية تتعالى معها ضحكات رفقائه!

وكلما حاول أحدهم تذكيره بالكارثة التي حلّت عليهم ويطلعه على الوضع ومدى سوءه ردّ عليه بنكتة جديدة لم يملك الحاضرون معها إلا أن يستسلموا للضحك.

وطلّوا على ذلك حتى تعلّموا منه فن السخرية، وصاروا هم أيضاً “أولاد نكتة”


تنويه: حكايات صاحبنا هي سلسلة مواقف حدثت أو ربما لم تحدث، بعضها واقعي، وأغلبها خيالي.

رأي واحد حول “حكايات صاحبنا (1) – ابن نكتة

أضف تعليق